کد مطلب:281460 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:196

لماذا قلة الأنصار؟
ما هو السبب فی قلة أنصار الإمام المهدی علیه السلام بالرغم من كثرة من یدعی أنه من أنصار الإمام ومحبیه؟

فالمسلمون الیوم بلغوا أكثر من ملیار نسمة، وهم فی الأغلب یؤمنون بالمهدی الموعود. ولكن بالرغم من هذه الكثرة الهائلة فأصحاب الألویة للإمام الحجة علیه السلام، من الضباط وقادة الفرق والمجموعات كلهم لا یتجاوزون ثلاثمأة وثلاثة عشر فرداً وجیشه لیس أكثر من خمسة عشر ألف جندی!! طبعاً هذا فی بدایة خروجه للقتال ضد الطغاة.

فعن الإمام الباقر علیه السلام أنه قال: -... فیجمع الله علیه أصحابه ثلاثمائة وثلاث عشر رجلاً-.

وعن الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قال: -.. فیجمع الله قوماً كقزع السحاب، یؤلف الله بین قلوبهم، لا یستوحشون إلی أحد ولا یفرحون بأحد یدخل فیهم، علی عدة أصحاب بدر، لم یسبقهم الأولون ولم یدركهم الآخرون، وعلی عدد أصحاب طالوت الذین جاوزوا معه النهر-.

وأما عن جیشه فیقول أمیر المؤمنین علیه السلام: -.. یخرج رجل من أهل بیتی فی ثلاث رایات، المكثر یقول: خمسه عشر ألفاً، والمقل یقول: إثنا عشر ألفاً..-.

وفی روایة أخری یقول علیه السلام: - یخرج فی اثنی عشر ألفاً إن قلوا، أو وخمسة عشر ألفاً إن كثروا...-.

ولكن السؤال لماذا هذه القلة فی الأعوان والأنصار؟!!

هذا سؤال كبیر یحیّر الألباب، ألیس الإمام صاحب المعاجز والكرامات؟

ألیس الإمام شخصیة ربانیة ادخرها واعدّها الله للیوم الموعود؟

ألیس الإمام شخصیة عالمیة تنتظرها البشریة منذ قدیم الزمان؟ ألیس الجمیع یدعی أنه بإنتظار قدومه وخروجه لیكون من أنصاره وأعوانه؟!

هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوه كلما شاهدنا الروایات التی تتحدث عن قلة الأنصار والأعوان إلی درجة أن یترحم المؤمنون علی أنصار الإمام الحجة ویعتقد بعضهم بشكل جازم أن هذه المجموعة من الأنصار وجلهم من الشباب سینتهون فی أول مواجهة مع الأعداء المدججین بالسلاح والعتاد.

یحدثنا الإمام الباقر علیه السلام عن ذلك فیقول: - یبعث الله قائم آل محمد فی عصبة لهم (أدق) فی أعین الناس من الكحل، فإذا خرجوا بكی لهم الناس، لا یرون إلاّ أنهم یختطفون، یفتح الله لهم مشارق الأرض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقاً، ألا إن خیر الجهاد فی أخر الزمان-.

ویقول أمیر المؤمنین علیه السلام عن أصحاب القائم عجل الله تعالی فرجه: - إن أصحاب القائم شباب لا كهول فیهم إلاّ كالكحل فی العین أو كالملح فی الزاد، وأقل الزاد الملح-.

لماذا هذه القلة وما هی الأسباب؟!

یبدو أن السبب الحقیقی یتلخص فی أمرین:

الأمر الأول: إن الإمام الحجّة علیه السلام یأتیهم بخلاف ما كانوا یتصورون عنه ویعتقدون به حیث إن تصوراتهم لا تنطبق مع حقیقة الإمام المهدی الواقعی الذی ادخّره الله لإصلاح العالم كما جاء فی أكثر من مصدر عن الإمام الصادق علیه السلام - وإن من أعظم البلیة أن یخرج إلیهم صاحبهم شاباً وهم یحسبونه شیخاً كبیراً-.

وقد أكّد علی ذلك أیضاً الإمام الحسین علیه السلام حیث جاء فی الباب الثالث من عقد الدرر ص41-42 قوله علیه السلام: - لو قام المهدی لأنكره الناس، لأنه یرجع إلیهم شاباً موفقاً، وإن أعظم البلیة أن یخرج إلیهم صاحبهم شاباً وهم یظنونه شیخاً كبیراً-.

لذا فهم یواجهون الشخصیة الحقیقیة مخالفة لتصوراتهم السابقة فیواجهونه بمختلف التهم والافتراءات ویكذبون مقالته بأنه هو الحجة القائم علیه السلام تماماً كما كذب المشركون والیهود رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وافتروا علیه وأهانوه وأثاروا الناس علیه إلی درجة أفرغوا كرشة الشاة علی رأسه الشریف وهو ساجد یصلی فی بیت الله الحرام ولم یؤمنوا به لأنه جاء علی خلاف تصوراتهم واعتقاداتهم السابقة، بسبب التحریف والتزییف وقد یكون نكرانهم للإمام من جهة أخری حیث أنهم یرون أنفسهم أفضل جاهاً وأعلی مقاماً من هذا الذی یدعی الإمام فلماذا یستجیبون لندائه ویخضعون لأوامره وكأن التاریخ یعید نفسه ألم یقل وجهاء مكة حینما شاهدوا النبی الكرم یتیماً من بنی هاشم یدعی النبوة (لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَی رَجُلٍ مِنَ الْقَرْیَتَیْنِ عَظِیمٍ) وهؤلاء أیضاً یتكبرون علی الإمام عندما یرون مجموعة قلیلة من الشبّان یتبعونه ولیس معه أحد غیرهم خصوصاً وأنه أتی بدین جدید لم یعهدوا به فیفترون علیه ویتهمونه بالكذب والدجل!! وهذا هو نفس الامتحان الإلهی الذی جری علی الإمم السابقة وسیجری علی الأمة الإسلامیة أیضاً وقد بین الله ذلك فی محكم كتابه العزیز: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِیَقُولُوا أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَیْهِمْ مِنْ بَیْنِنَا أَلَیْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِینَ) (الأنعام،53).

الأمر الثانی: إن غالبیة الناس لیسوا صادقین فی أقوالهم, وادعاءاتهم، فهم یطلقون شعارات التضحیة والفداء فی سبیل مبادئهم وقیمهم ولكن عندما یرون أن القضیة تتطلب بذل المال أو النفس فعلاً فسرعان ما یتراجعون ویتهربون.

فادعاء التدین والتمسك بالقیم أحادیث یتحدثون بها حینما تكون الأمور تسیر علی ما یرام، ولكن إذا ضاقت علیهم الحیاة وتطلب الأمر الجهاد والصمود فلا تری أحداً فی المیدان إلاّ القلیل. وإلی هذه الحقیقة أشار الإمام الحسین علیه السلام قائلاً - الناس عبید الدنیا والدین لعق علی ألسنتهم یحوطونه ما درّت معائشهم فإذا محّصوا بالبلاء قلَّ الدیانون-.

ومثلما تخلی الناس عن الإمام الحسین علیه السلام فی واقعة كربلاء كذلك لا یستجیب أحد لدعوة الإمام الحجَّة عند نهضته المباركة إلا القلیل من الذین أمنوا به فی عالم المیثاق وذلك بسبب كثرة الأعداء والمكذبین له.

1- یقول الإمام الرضا علیه السلام: - إن ممن یتخذ مودتنا أهل البیت، لمن هو أشد فتنة علی شیعتنا من الدجّال-، حیث یكون علماء السوء هم أشد فتنة.

2- ویقول الإمام الصادق علیه السلام: -... وإن القائم یخرجون علیه فیتأولون علیه كتاب الله ویقاتلونه علیه-.

3- وجاء فی (بشارة الإسلام) و(إلزام الناصب) و(یوم الخلاص) و(نور الأنوار) و(بیان الأئمة) و(ینابیع المودة) و(علائم الظهور) وغیرها من المصادر، أن -... أعداءه الفقهاء المقلَّدون، یدخلون تحت حكمه خوفاً من سیفه وسطوته ورغبة فیما لدیه-.

4- وعن الإمام الصادق علیه السلام قال: - إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس أشد مما استقبله رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم من جهالة الجاهلیة. قلت: وكیف ذلك؟ قال: إن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم أتی الناس وهم یعبدون الحجارة والصخور والعیدان والخشب المنحوته، وإن قائمنا إذا قام أتی الناس وكلهم یتأول علیه كتاب الله، یحتج علیه به...-.

وواضح إن موقف الناس هذا تابع لموقف بعض ادعیاء العلم من علماء السوء بدلالة (كلهم یتأول علیه القرآن). فالتأویل والاحتجاج بالقرآن علی الإمام عجل الله تعالی فرجه لا یكون إلا من قبل أدعیاء العلم أما عامة الناس فهم فی الحقیقة تتبع موقف أدعیاء العلم أولئك وهم یتصورون أن علمائهم یقولون الحقیقة والواقع. ومن هنا یكون موقف كثیر من الناس معادیاً للإمام تبعاً لاولئك، ولذا یكون عدد أصحابه وخواصه قلیلاً جداً ومعظمهم من الشباب. وبما أن هذه القلة تكون معرضة للإبادة تتدخل السماء مباشرة حتی لا تتكرر واقعة كربلاء من جدید وتنزل الملائكة لنصرته مع الملائكة الذین نزلوا من قبل لنصرة الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم فی معركة بدر (هَذَا یُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنْ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِینَ) ، ویتسارع نجباء الجن والملائكة فی تقدیم العون والمساعدة للإمام علیه السلام وأصحابه، ویُقلبون الوضع علی الأعداء، وبذلك ینتصر الإمام فی أغلب المعارك التی یخوضها، حیث إن الله سبحانه ینصره بأصحابه القلة وجیشه الصغیر وبالملائكة والرعب الذی یسیر بین یدیه (عجل الله تعالی فرجه) بشهر.

جاء فی الفصل الأول من الباب الرابع فی الصفحة 65 من كتاب عقد الدرر، عن الإمام الباقر علیه السلام، فی ظهور القائم (عجل الله تعالی فرجه) ومبایعته بین الركن والمقام، قال علیه السلام: - وجبرائیل عن یمینه ومیكائیل عن یساره-. وعن أمیر المؤمنین علیه السلام قال: - یخرج فی اثنی عشر ألفاً إن قلوا أو خمسة عشر ألفاً إن كثروا، یسیر الرعب بین یدیه، لا یلقاه عدو إلا هزمهم بإذن الله، شعارهم أمت أمت، لا یبالون فی الله لومة لائم...-.

وعنه أیضاً علیه السلام قال: - یفرج الله الفتن برجل منّا یسومهم خسفاً، لا یعطیهم إلا السیف، یضع السیف علی عاتقه ثمانیة أشهر هرجاً، حتی یقولوا: والله ما هذا من ولد فاطمة، لو كان من ولدها لرحمنا...-.

وعنه أیضاً علیه السلام قال: -... یمدّه الله بثلاثة آلاف من الملائكة، یضربون وجوه من خالفهم وأدبارهم، یبعث وهو ما بین الثلاثین والأربعین-.

وعن الرسول صلی الله علیه و آله و سلم قال: - فلو لم یبق من الدنیا إلاّ یوم واحد لطول الله ذلك الیوم حتی یأتیهم رجل من أهل بیتی تكون الملائكة بین یدیه ویظهر الإسلام-.

وهكذا ینتصر الإمام بعد جهاد مریر ومعاناة شدیدة، وبعد أن یستتب الأمر له (عجل الله تعالی فرجه) یتسابق الناس إلی الإیمان به ویدخلون فی دین الله أفواجاً، ویستوجب الشكر علی الإمام وأنصاره كما استوجب الشكر علی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم وأنصاره، حیث یقول عز وجل: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَیْتَ النَّاسَ یَدْخُلُونَ فِی دِینِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) .

إلا أن هذا الانتصار هو أعظم بكثیر من أی انتصار آخر فی التاریخ، إنه یوم عظیم من أیام الله بل هو الیوم الموعود الذی وعد الله به الرسول الأكرم والأنبیاء السابقین وبذلك یفرح المؤمنون بنصر الله إنه الانتصار الكبیر والفوز العظیم.